الأحد، ٢٣ ديسمبر ٢٠٠٧

تحاورت مع الرئيس مبارك

لفت نظري أثناء سيري بسيارتي، انتظار الكثير من السيارات على جانبي الطريق، اعتدت هذا المشهد، فالسائقين يخشون من لجان المرور التي دائماً تسحب رخصهم وتحرر لهم المخالفات، وغالباً ما تكون ظالمة وكاذبة، بل ويتعرضون لإهانات رجال الشرطة الغلاظ، لكن هذه المرة كان عدد السيارات مثيراً للانتباه وملفتاً للنظر.
بعد مسافة يسيرة أوقفتني لجنة المرور التي أصابت الطريق بالشلل، هممت بإخراج أوراقي إلا أن السيد الضابط أمرني بالتوقف والعودة:
ــ ممنوع المرور، الطريق مغلق.
عندما ترجلت من السيارة هالني مشهد السيارات بكافة أنواعها، قوات الشرطة متواجدة بكثافة غير عادية، اقتربت من أحد الضباط وسألته:
ــ فيه إيه؟
ــ قال بقرف: زيارة السيد الرئيس.
تلفت حولي فرأيت غضباً موًّاراً، وسحابات سوداء تتصاعد من أفواه الناس، الشرر يتقد من العيون، كلمات مجنونة ـ بعضها فاحش وبذئ ـ تعربد في سماء المكان.
حملت جسدي المحبط وألقيته فوق كرسي السيارة وأسندت راسي لعلي أنعم ببعض الهدوء الذي أطمع في أن يعالج توتري النفسي الحاد.
إذا الرئيس مبارك أخيراً في زيارة لمدينتنا، كنت أتمنى دائماً أن ألقاه، وددت لو اقتربت منه وسألته عن سر ازدرائه لشعب مصر؟
وددت أن أقول له سيادة الرئيس لماذا تصرون على حكمنا بقانون الطوارئ؟
وكأن الله حقق لي أمنيتي، وجدتني أجلس قبالة الرئيس مبارك الذي بدا مبتسماً وشباباًً على عكس ما نراه على شاشة التليفزيون.
لم أشأ أن أضيع وقتاً وتوجهت إليه مباشرة بالسؤال: سيادة الرئيس اسمح لي أن استفسر من سيادتكم عن سر إصراركم على حكم شعب مصر بالأحكام العرفية؟
ابتسم وقال: احنا عندنا مشاكل كتيرة ما ينفعش نحلها إلا في وجود قانون الطوارئ، زي الإرهاب، والتنمية الاقتصادية، والإصلاح الاجتماعي، الاستقرار لازم للتنمية.
بمناسبة الإصلاح سيادة الرئيس ألا ترون أن الإصلاح بطئ جداً وان الحكومة كلما قطعت خطوة تراجعت عشر خطوات؟
أجاب بثقة الخبير: دا مش تراجع دي سياسة، وأنا هأقولك بصراحة، مفيش إصلاح في مصر حتى يتم حل مشكلات كثيرة، زي مشكلة فلسطين والعراق ودار فور و.........
ولكن سيادة الرئيس عفواً للمقاطعة، هذه مشكلات مستعصية منها ما هو قائم منذ مائة عام وليس له حل في المستقبل المنظور؟
قال بطلاقة: علشان تعرف إن أنا عندي حق فيما أقوله، ريحوا نفسكم، الإصلاح للي يعيش.
فبادرته مكتئباً: يعني ليس هناك أمل سيادة الرئيس لأن أتمتع بحريتي قبل أن أموت؟
تغيرت لهجته وقال: أنت مش مؤمن بالقدر؟ فأومأت برأسي وقلت: الحمد لله مؤمن بالقدر.
قال: سيب الأمر لله، وبعدين أنا مفيش في إيدي حاجة أعملها، أنت قريت تصريح الدكتور نظيف؟
فقلت مستغرباً: تصريحات الدكتور نظيف كتيرة سعادتك خاصة في الفترة الأخيرة.
قال: لا. أنا أقصد التصريح بتاع الإصلاح اللي قال فيه: إن الإصلاح في مصر مرتبط بالرئيس الأمريكي بوش الابن. بصراحة الراجل جابها على بلاطة وكان صريح جداً.
فنظرت في عينيه وقلت: لكن سعادتك رئيس مصر؟
أجاب بسرعة: هي دي مشكلة المصريين، لازم تفهموا طبيعة النظام العالمي الجديد، محدش يقدر يخالف أمريكا، بكررها تاني محدش يقدر يخالف أمريكا، اللي عايزاه أمريكا هو اللي يتم وينفذ، واللي مش عاجبه يبقى إرهابي.
فتراجعت في مقعدي وقلت: وموقفنا من حماس سيادتك؟
فشبك أصابعه ونظر إلي نظرة حادة وقال: أنت بتفهم؟
لم أستطع الرد بنعم أو بلا، وأحسست بأنني تحولت إلى تمثال صخري بارد.
أعادتني إلى كرسي سيارتي طرقات غاضبة على زجاج السيارة، التفت فإذا عدد من الطلبة المشتعلون غضباً، اغرورقت عينا أحدهما بالدموع وقال: هل هذا يرضي الله ياأستاذ؟ منعونا من الذهاب إلى لجان الامتحان، ماذا نفعل؟ نروح لمين؟ هل يرضي الرئيس ما تفعله قوات الأمن أغلقوا جميع منافذ الفيوم؟ من يرفع صوتنا للريس؟
انكمشت في كرسي السيارة، وقلت لهم بصوت ضعيف متهدج: مش أنا، شوفوا حد غيري.

أحمدي قاسم محمد
الخميس 25/5/2005

هناك ٥ تعليقات:

عبدالرحمن فارس يقول...

الرائعون كالأحجار الكريمه يا سيدي لا نصنعهم ولكن نبحث عنهم كي نكون بجوارهم .. فأنت من هؤلاء سيدي فاسمح لي أن أكون بالجوار
......
(..الذي بدا مبتسماً وشباباًً على عكس ما نراه على شاشة التليفزيون.. ) أكيد بس كان معدي على شريف صبري مخرج كليبات مطربة العجله الشهيره روبي الي هو نفسه شريف دا عمله حملته الانتخابيه

..

وعظيمه يامصر

يحيا الرئيس للإبد
يحيا هو الفرد الصمد
له صفات ربنا لكن له ولد

...

دائما كلماتك يا سيدي تمس قلوبنا فهي جزأ من واقعنا

محبتي دائما تلك التي لا املك إلا سواها

و
.. ود ..

أحمد عبد القوي يقول...

السلام عليكم استاذي أحمدي
ألف مبروك على المدونة وان شاء الله تكون منبرا لبث ونشر قصصك وأدبك الرائع وانراك معنا قريبا فى الرابطة الثائرة
رابطة مدوني الفيوم

إبنك
أحمد عبد القوي

مصطفى محمود يقول...

السلام عليكم ورحمة الله
الف مبروك على المدونة يا استاذ احمدى وعقبال عمرو ابنك ما يعمل مدونة عشان ساعة ما يعتقل تانى يلاقى ناس تقف تقف جنبه

مصطفى محمود

Unknown يقول...

السلام عليكم الف مبروك يااستاذى على المدونه بس يارب تحلملنا بحد تانى غير سيادة الرئيس عشان خلاص احنا على الاخر والله وبعدين الراجل مشغول هوا فاضى بقى للشعب كان الله فى عون الكادحين امثاله اما نحن الطماعين فالمحاكمات العسكريه لنا هى الشفاء من كل داء ولو طمعنا فيه شويه كمان ممكن يسبلنا البلد ويمشى

Unknown يقول...

ابو احمدى حجاج..................مدونة الثائر