الاثنين، ٢١ يناير ٢٠٠٨

دماء الشهداء

دماء الشهداء وإيقاظ الأمة

عندما بدأت التسوية السياسية العلنية بما سمي بمعاهدة السلام، وصاحت السلطات العربية غاضبة، ثم لم تلبث أن انبطحت أمام الصهاينة، وقدمت ما لم يخطر على بالهم من تنازلات.
في هذه اللحظة التاريخية التي مثلت أدنى نقطة في منحنى الصراع الصهيوني العربي، تحولت القضية تحولاً مفاجأة هز الجميع.
انشقت الأرض الفلسطينية عن أطفال الحجارة ـ كما أطلق عليهم ـ والحقيقة أنهم جيل حي أنبته الله تعالى، والله يغرس لهذا الدين بيديه.
وجاء هذا النبت الرباني ليعلن في وجوه الجميع.
· أن لهذه الأرض أصحاب لن يتخلوا عنها، وأنها ليست كما يدعي الصهاينة أرض بلا شعب.
· وأنهم عاهدوا الله تعالى على تحرير كامل ترابها، أو الموت دونها، والشهادة في سبيلها
وأنه لن يعيد الأرض سوى الجهاد، به فتحها عمر، وبه حررها صلاح الدين، وبه ستطهر من رجس الصهاينة.
وفوجيء الجميع
ـ الشعوب العربية المعزولة عن المشاركة والتأثير، والتي لا حول لها ولا قوة، وهي ترسف في قيود القهر والجبروت السلطوي.
ـ القيادات التي تمارس الحكم، وتكافح لترضي من يملك بقاءها، ويقدر على حمايتها، ويضفي عليها الشرعية السياسية، وأصبح الحكم بالنسبة لها مصدراً لسلطتها وثروتها معاً، ورهنت مستقبلها بحماية المصالح الأمريكية والصهيونية في المنطقة.
ـ والصهاينة الذي خيل إليهم الشيطان أن القضية انتهت، وأن حلمهم الاستعماري اكتمل بلا منغصات.
ـ القوى العالمية التي زرعت الصهاينة في أرضنا ورعتهم بكل قوة حتى أصبحوا جسداً غريباً في قلب الأمة، لإحداث صراع دموي في أرض الدولة المسلمة، لإضعافها واستنزاف مواردها، والهيمنة على شعوبها للحيلولة دون توحدها، واجتماعها على الإسلام، الذي حابته بكل قوة حتى أسقطت دولته، وفرقت جماعته.
جاءت الانتفاضة لتعيد صياغة الواقع على الأرض، وتعيد القضية إلى نقطة البداية الأولى بإعلان الجهاد لتحرير فلسطين.
وكان من أهم نتائجها:
§ ميلاد قوة شعبية جديدة لها مرجعيتها الإسلامية الصريحة، واستمدت هذه المرجعية من جذورها الإسلامية الضاربة في عمق التاريخ، واختارت الجهاد استراتيجية وحيدة وحتمية للتحرير.
§ استحداث سلطة حاكمة مناظرة للسلطات الحاكمة في العالم العربي، لتكون بمثابة قشرة سياسية زائفة، لا تعبر عن هوية الشعب ولا عن طموحاته وخياراته الحرة، واعتماده كشريك سياسي، واعتبار الخارج عليه خارج على الشرعية الفلسطينية.
وترتب على خيار الجهاد الفلسطيني ارتقاء الآلاف من الشهداء الذين بذلوا أرواحهم بسخاء أزهل العالم، وهزه بعنف ليوقفه أمام الحق الفلسطيني في الحياة والأرض معاً.
وجاوب الدم الفلسطيني الذكي المراق بغزارة فوق التراب الفلسطيني، دموع حارة في الشارع العربي والإسلامي، وضراعة صادقة لله تعالى بالتثبيت والنصر.
في نفس الوقت الذي قابلها، قلة دم في وجوه السلطات الحاكمة، وانعدام حياء في لدى هذه السلطات، وتجرد كامل من المشاعر والأحاسيس الإنسانية، فضلاً عن الأخوة الإسلامية الموجبة للنصرة والعون. فلم تحترم دماء الشهداء، ولا آلام الشعوب، وواصلت تهافتها لتمرير تسوية القضية، وإهدار الحق الفلسطيني المغتصب.
الدم الذكي المراق فوق الأرض لم يذهب هدراً.
كان سبباً في إحياء القضية الفلسطينية، وإعادتها بقوة إلى الوعي العربي الإسلامي، بل والعالمي أيضاً.
واليوم وفي ظل هذا الاستسلام السلطوي المخزي على المجازر، والاحتقان الشعبي الثقيل، هل ستوقظ دماء الشهداء الصادقين، روح الأمة وتروي بذرة حركاتها الشعبية فتهب لتنفض وكلاء الصهاينة والأمريكان، وتعيد قدرتها على الفعل والحركة، وتبدأ خطواتها المباركة لتحرير الأرض المباركة؟.
اللهم آمين.
أحمدي قاسم محمد
النائب الشرعي لدائرة مركز سنورس ـ الفيوم
مدونة أحمدي قاسم
في الاثنين: 21/1/2008

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

حسبنا الله ونعم الوكيل